منها؛ كما يتأولون الصلوات الخمس بمعرفة أسرارهم، وصيام رمضان بكتمان أسرارهم، وحج البيت الحرام بالسفر إلى شيوخهم، ونحو ذلك من التأويلات التي يعلم بالاضطرار أنها كذبٌ وافتراء على الله ورسله، وتحريف للكلم عن مواضعه، وإلحاد في آيات الله وشرائعه (١).
فهذه المعاني التي يفسِّرون بها شرائع الله لا تمتُّ إلى المعنى الحقيقي بصلةٍ؛ لا لغة، ولا شرعاً، وليس عليها أي دليل لا صحيح ولا فاسد؛ بل هي من باب التحريف والإلحاد الظاهر.
وقد يقولون بأن الشرائع تلزم العامة دون الخاصة، فإذا صار الرجل من كبرائهم ومحققيهم؛ أسقطوا عنه التكاليف، فرفعوا عنه الواجبات، وأباحوا له المحظورات، لأن هذه التكاليف إنما تلزم العامة - حسب زعمهم - وهذا يقولونه مصانعة، وإلا فليس في الحقيقة لديهم شرائع يؤمنون بها.
وقد يوجد في بعض المنتسبين للتصوف والسلوك من يدخل في بعض هذه المذاهب الباطنية ويتبعها، كالقول بأن للشرع معنى باطناً غير الظاهر، أو أن بعض الناس يصل إلى درجة تسقط عنه التكاليف.
(١) حكاه عنهم شيخ الإسلام في: «درء تعارض العقل والنقل» ٥/ ٣٨٣، و «بغية المرتاد» ص ٣٨١، و «الصفدية» ص ٥١، و «شرح حديث النزول» ص ٤٢٦، و «مجموع الفتاوى» ٢٨/ ٤٧٤، و ٣٥/ ١٣٣، وذكر الكتب التي ردت عليهم وبينتْ فضائحهم في: «مجموع الفتاوى» ٩/ ١٣٤ و ٢٧/ ١٧٤، و «منهاج السنة» ٨/ ٢٥٨، و «درء تعارض العقل والنقل» ٥/ ٨، و «الرد على المنطقيين» ص ١٨٤.