للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن شواهد هذا المقام: الحديث الذي يُروى أنه تعالى: «يأخذ السموات، والأرضين السبع، فيجعلها في كفَّيه، ثم يقول بهما كما يقول الغلام بالكرة» (١)، وهذا التصويرُ تقريبٌ لكمالِ تصرفه تعالى في هذه العوالم على كثرتها وعِظَمِها، فهي صغيرة وضئيلة في جانب عظمته .

ومما استشهد به في هذا المقام الأثر الذي جاء عن ابن عباس : (ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن في يد الرحمن؛ إلا كخردلة في يد أحدكم) (٢).

فهو العظيم الذي لا أعظم منه، وهو الكبير المتعالي، فيمتنع مع هذه العظمة التي لا تحيط بها عقول العباد: أن يحويه شيء من مخلوقاته، فهو أعظم وأكبر من أن تحيط به مخلوقاته؛ فضلاً عن أن يحيط به شيء منها.

وإن أريد بالمتحيز المنحاز عن العالم المباين للمخلوقات؛ فهو كما قال أئمة السلف: (فوق سماواته، على عرشه، بائن من خلقه) (٣)،


(١) رواه الطبري في «تفسيره» ٢٠/ ٢٤٧، وابن منده في «الرد على الجهمية» ص ٨١ من حديث أبي حازم عن ابن عمر ولم يسمع منه. «تهذيب الكمال» ١١/ ٢٧٣ - ، وجاء بألفاظ أخرى من طريق أبي حازم عن عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر، رواه مسلم (٢٧٨٨)، وغيره.
(٢) رواه عبد الله بن أحمد في «السنة» ٢/ ٤٧٦، والطبري في «تفسيره» ٢٠/ ٢٤٦.
(٣) «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» ١/ ١٩٨، «الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية» - الرد على الجهمية - ٣/ ١٣٦.

<<  <   >  >>