للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«محمداً أكرمتُ»، وقولك: «أكرمتُ محمداً»؛ فإن الجملة الأولى تفيد: الحصر؛ لتقديم المفعول، دون الثانية (١).

وقد ذكر الشيخ لذلك مَثلاً؛ وهو اعتقاد بعض الناس أن قوله تعالى: (﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾) مثل قوله تعالى: (﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا﴾)، فصاحب هذا الظن يعتقد أن الله تعالى خلق آدم كما خلق الأنعام، وأن المراد بالآيتين: التعبير باليدين عن الفاعل، وليس المراد إثبات صفة اليدين، ولا خلق آدم باليدين.

فهم جعلوا آية «ص»؛ وهي قوله تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ الصريحة في إثبات صفة اليدين لله تعالى؛ جعلوها نظير آية «يس»؛ وهي قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا﴾، وليس الأمر كذلك؛ بل هذا غلط من جهة اللفظ، والمعنى.

وقد ذكر الشيخ الفروق بين الآيتين، كما يأتي في كلامه إن شاء الله.

لأنه هنا أضاف الفعل إلى الأيدي؛ فصار شبيهاً بقوله: ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾، وهناك أضاف الفعل إليه؛ فقال: ﴿لِمَا خَلَقْتُ﴾ ثم قال: ﴿بِيَدَيَّ﴾.


(١) هذه المسألة يذكرها البلاغيون في مبحث «القصر»، والأصوليون في «مفهوم المخالفة»؛ انظر: «تلخيص المفتاح» ص ٩٦، و «البحر المحيط في أصول الفقه» ٤/ ٥٦، و «شرح الكوكب المنير» ٣/ ٥٢١، و «البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها» ١/ ٥٣٧.

<<  <   >  >>