وأيضاً؛ فإنه هناك ذكر نفسه المقدسة بصيغة المفرد، وفي اليدين ذكر لفظ التثنية، كما في قوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾، وهنا أضاف الأيدي إلى صيغة الجمع فصار كقوله: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾.
وهذا في الجمع نظير قوله: ﴿بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾، و ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ﴾، في المفرد.
فالله ﷾ يذكر نفسه تارة بصيغة المفرد: مظهراً، أو مضمراً، وتارة بصيغة الجمع، كقوله: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)﴾، وأمثال ذلك، ولا يذكر نفسه بصيغة التثنية قط؛ لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم الذي يستحقه، وربما تدل على معاني أسمائه، وأما صيغة التثنية؛ فتدل على العدد المحصور، وهو مقدس عن ذلك؛ فلو قال:«ما منعك أن تسجد لما خلقَتْ يدِيْ»؛ كان كقوله: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾، وهو نظير قوله: ﴿بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾، و ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ﴾، ولو قال:(خَلَقْتُ بيدِيْ) بصيغة الإفراد، لكان مفارقاً له، فكيف إذا قال: ﴿خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ بصيغة التثنية؟
هذا مع دلالة الأحاديث المستفيضة؛ بل المتواترة، وإجماع سلف الأمة على مثل ما دل عليه القرآن، كما هو مبسوط في موضعه، مثل قوله ﷺ:«المقسطون عند الله على منابرَ مِنْ نورٍ، عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين -، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا»(١)، وأمثال ذلك.