فيظن المتوهم أنه إذا وُصف بالاستواء على العرش؛ كان استواؤه كاستواء الإنسان على ظهور الفلك والأنعام، كقوله: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُون (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِين (١٣)﴾ [الزخرف: ١٢ - ١٣]، فيتخيل أنه إذا كان مستوياً على العرش كان محتاجاً إليه كحاجة المستوي على الفلك والأنعام، فلو انخرقت السفينة؛ لسقط المستوي عليها، ولو عثرت الدابة؛ لخرَّ المستوي عليها.
فقياس هذا: أنه لو عدم العرش؛ لسقط الرب ﵎، ثم يريد - بزعمه - أن ينفي هذا فيقول:«ليس استواؤه بقعود ولا استقرار».
أي: يظن هذا المتوهم أن الله تعالى إذا وُصف بالاستواء على العرش؛ لزم أنه يكون استواؤه كاستواء المخلوق على الفلك والأنعام.
ومعلوم أن استواء المخلوق على غيره يكون محمولاً ومعتمداً على ما تحته من سفينة أو سيارة أو غير ذلك، فلو غرقت السفينة أو عثرت الدابة؛ لخرَّ مَنْ فوقها؛ لأنه تَبَعٌ لها.
فهذا المتوهم ظن أنه يلزم من استواء الله تعالى على العرش ما يلزم من استواء المخلوق على المخلوق، فيريد أن ينفي هذا المعنى الباطل الذي فهمه، فينفي تبعاً لذلك ما دل عليه النص من المعنى الحق، فيقول هذا المتوهم في تفسير الاستواء: (ليس استواؤه بقعود