للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمنفي هو الحاجة والافتقار، فهذا هو المعنى الذي يجب تنزيه الله تعالى عنه، فمدار النفي هو النقص، فما كان نقصاً؛ وجب تنزيه الله تعالى عنه، ولا يُنفى الكمال بناء على توهم النقص، فالله تعالى مستوٍ على العرش استواء يليق بجلاله، ليس فيه حاجة ولا افتقار؛ لأنه تعالى الغني عمَّا سواه، وكل شيء محتاج إليه تعالى.

فهذا المتوهمُ جَعَل الحاجةَ لازمةً لمطلق الاستواء، ومثَّل لذلك بسقوط المستوي على السفينة، وخرور الراكب على الدابة، وهذا غلط؛ فإن المعنى العام الكلي المشترك للاستواء؛ لا يستلزم الحاجة، وإنما يستلزمُ الحاجةَ استواءُ المخلوق.

أما استواء الرب تعالى على العرش؛ فهو استواء بلا حاجة ولا افتقار (١).

وهناك فروق بين الاستواء، والاستقرار، والقعود:

فالاستواء فُسِّر ب: الارتفاع، والاستقرار، والصعود، والعلو.

والاستقرار فيه معنى الثبات، وهو خلاف الاضطراب.

والقعود؛ هو خلاف القيام.

فالقعود على الشيء، والاستقرار على الشيء، والاستواء على الشيء، فقد يكون قعوداً بلا استقرار، والعكس كذلك.

وأما الاستواء؛ فإنه يتضمن الاستقرار، فكلُّ استواءٍ استقرارٌ، وليس كلُّ استقرارٍ استواءً.


(١) «مجموع الفتاوى» ٥/ ٢٦٢ و ١٦/ ١٠١، و «تفسير سورة الإخلاص» ص ٣٧٩، و «التوسل والوسيلة» ص ٣٦٧.

<<  <   >  >>