﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)﴾ [طه]، ولو كنا لا نعلمه مطلقاً؛ كانت هذه الأخبار ألفاظاً لاحظَّ لنا منها؛ إلا مجرد التلاوة، من غير أن يكون للعقل والفهم حظ.
فهذه الأخبار إذاً؛ معلومة لنا من وجه دون وجه، فإذا قرأناها فهمناها؛ لكن فهماً محدوداً، فنفهمها من جانب، ولا نحيط بها علماً.
أما الوجه الذي نعلمه؛ فهو: ما تدل عليه هذه النصوص حسب دلالة اللسان العربي، لأننا خوطبنا بلسان عربي مبين، والرسول ﵊ عربي، فكل من يحسن اللسان العربي له حظ من فهم هذه النصوص.
فنفهم هذه النصوص من جهة ما تدل عليه من المعنى بحسب دلالة اللغة، ولا بد - أيضاً - من مراعاة السياق الذي وردت فيه، ودلالة النصوص المفسِّرة، فإن كلام الله تعالى يُفَسِّر بعضه بعضاً، والسنة تفسر القرآن، هذا هو الوجه الذي نعلمه.
أما الوجه الذي لا نعلمه؛ فهو الحقائق والكيفيات لتلك الأمور المخبَرِ عنها، فلا نعلم حقائقها، ولا كيفياتها بل هي غيب، فيكون هذا الخبرُ معلوماً لنا من جهة معناه، وغيرَ معلومٍ لنا من حيث حقيقتُه وكيفيته.
فقوله تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤] فيه خبرٌ عن الله بأن يديه تعالى مبسوطتان، وهذا يدل على أن له تعالى يدين، ومن شأن يديه البسط، والبسط تقدم أنه يحتمل معنيين (١):