للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: البسط ضد القبض، فالله تعالى يبسط يديه كما يشاء، ويقبضهما كما يشاء.

والآخر: أن المراد بالبسط كثرة العطاء والجود (١).

وكلٌّ من المعنيين حق، لكن المعنى الثاني أنسب للسياق، لأن المراد الرد على اليهود الذين وصفوا الله بالبخل، وعبَّروا عن ذلك بقولهم: ﴿يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ [المائدة: ٦٤]، ويوضحه قوله بعدها: ﴿يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاء﴾؛ فنفهم من هذه الآية أنه تعالى له يدان، وأنهما مبسوطتان، وأنه تعالى ينفق كيف يشاء، وأن يديه ليست كيدي أحد من الخلق.

وهذا يرجع إلى ما علم بالشرع والعقل؛ مِنْ أنه تعالى ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وليس المراد باليدين القوة أو النعمة، فإن هذا وإن كان له أصل في اللغة إلا أنه يأباه السياق، ويأباه - أيضاً - ذكر اليدين بلفظ التثنية؛ كما تقدم في المقارنة بين آية «ص» وآية «يس» (٢).

فهذا هو الجانب الذي نعلمه، وهو موجَب اللغة، والسياق، والنصوص الأخرى المفسِّرة، ولكن لا نعلم كنه يديه وكيفيتهما، ولا يصح لنا أن نتخيل كيفية يدي الرب تعالى على نحو أيدي أحد من العباد؛ لأنه تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته.


(١) «تفسير الطبري» ٨/ ٥٥٣.
(٢) ص ٣١٧.

<<  <   >  >>