للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن قال: «كيف يدي الرب»؟ قلنا له: «كيف الرب»؟ فإذا قال: «لا يَعلم كيف هو إلا هو». قلنا: «وكذلك يداه لا يعلم كيفيتهما إلا هو »، ف «القول في الصفات كالقول في الذات» من حيث الثبوت، ونفي التشبيه، ونفي العلم بالكيفية.

إذاً؛ فقوله تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ معلوم لنا من وجه دون وجه، وهكذا سائرُ نصوصِ الصفاتِ القولُ فيها واحد، وكذا نصوصُ المعاد القول فيها كالقول في نصوص الصفات، كما في المثل الأول المتقدم (١).

فإذا قرأنا قوله تعالى: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى﴾ [محمد: ١٥]، وقوله تعالى: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّان (٦٨)[الرحمن]، وقوله: ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَان (٥٠)[الرحمن]، ونحوها؛ فهذه النصوص معلومة لنا من وجه، فنفهم من هذه الآيات أن الله تعالى أعد لعباده أصناف النعيم: من مشارب، وملابس ومساكن، وزوجات، كما قال تعالى: ﴿وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِين (٢٠)[الطور] فيفهم من هذه الآية: أن نساء الجنة حور عين، والحُور: جمع حوراء، والعِين: جمع عَيناء، والحَوَرُ؛ هو: «شدة سواد العين، مع شدة بياضها، مع بياض البدن» (٢)، كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى (٣)، والعَيَنُ؛ هو: سعة العين (٤)، فضيق العين وصغرها؛ مذموم في الصفات (٥).


(١) ص ٢٢٥.
(٢) «تهذيب اللغة» ٥/ ٢٢٩.
(٣) «حادي الأرواح» ١/ ٤٧٥ - ٤٧٦.
(٤) «المخصص» ١/ ٩٩.
(٥) «حادي الأرواح» ١/ ٤٧٦.

<<  <   >  >>