للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا كله مفهوم لنا بدلالة اللغة، ودلالة السياق، ولكن لا نعلم كُنه هذه المطاعم، والمشارب، والملابس، ولا نتصور ولا نتخيل حقيقة وكنه تلك الزوجات؛ بدليل قوله تعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة: ١٧]، وقال تعالى في الحديث القدسي المتفق على صحته: «أعددت لعبادي الصالحين: ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» (١)، فنعلم أن ما أخبر الله به ورسوله ممَّا أعد الله لأوليائه في الجنة؛ أنه وإنْ كان موافقاً لما نعرفه في الدنيا؛ فإنه ليس مثل ما في الدنيا، كما قال ابن عباس : «ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء» (٢).

إذاً نصوص الوعد معلومة لنا من وجه دون وجه.

وهذه القاعدة يقصد بها الرد على أهل التفويض الذين يقولون: إن هذه النصوص - أي: نصوص الصفات - من المتشابه؛ فلا يفهم منها شيء، ولا تدل على معنى يدركه السامع، والمخاطَب، والتالي، فهي ألفاظٌ تقرأ فقط، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

والدليل على هذه القاعدة مركب من مجموع دليلين فأكثر؛ فأما الدليل على الوجه الأول من القاعدة؛ فآيات التدبر، كما قال الله تعالى: (﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)﴾) وقال: (﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)﴾)، وقال: (﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾).


(١) رواه البخاري (٣٢٤٤)، ومسلم (٢٨٢٤) من حديث أبي هريرة مرفوعاً.
(٢) تقدم في ص ٢٢٦.

<<  <   >  >>