للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* وبالمأثور من التفسير، عن الرسول ، وعن الصحابة، والتابعين.

قوله تعالى: (﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾) تدل هذه الآية على الحض على تدبر القرآنِ كلِّه لا بعضه، فعلم بهذا أنَّ القرآن كلَّه يمكن فهمه، لأن ما لا يمكن فهمه؛ لا يؤمر بتدبره، لأنه لا معنى ولا فائدة لتدبره، فلو سمعت كلاماً أعجمياً وأنت لا تعرف هذه اللغة؛ فإنه ليس بإمكانك أن تتدبره لتفهم شيئاً، فالكلام الذي يتدبر هو الذي يمكن فهمه، وما لا يمكن فهمه؛ فلا يؤمر بتدبره، بل لا يمكن تدبره.

فلما أمر الله تعالى بتدبر القرآن كله علم أن القرآن كله يمكن فهمه؛ ليكون حجة على صدق الرسول ، وللتعبد بتلاوته، والتعبد بتدبره، ثم بالإيمان بمعانيه، والعمل بأوامره ونواهيه (١).

إذاً؛ فنصوص التدبر تدل على أنا نعلم ما أخبرنا به من نصوص الصفات ونصوص المعاد من وجه، وهو الشِّق الأول من القاعدة.

وهناك أدلة أخرى من هذا الجنس تدل على هذا، كقوله تعالى: ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٣٨] وقوله تعالى ﴿هُدًى لِلنَّاسِ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وما أشبهها، وهذا ليس خاصاً ببعض القرآن؛ فكل القرآن بيان للناس، وهدى لهم، وما لا يفهم منه شيء لا يكون بياناً ولا هدى.


(١) «مجموع الفتاوى» ١٦/ ٤١٠، و «مقدمة في أصول التفسير» ص ٣١، و «القاعدة المراكشية» ص ١٥٧، و «الفتوى الحموية» ص ٢٩٦.

<<  <   >  >>