وأما التأويل بمعنى الحقيقة؛ فقد ذكره الشيخ بقوله:(وهذا التأويل الثالث؛ هو عين ما هو موجود في الخارج) فظهر بذلك الفرق بين معنيي التأويل.
فقوله:(فإن نفس الفعل المأمور به؛ هو تأويل الأمر به، ونفس الموجود المخبَرِ عنه؛ هو: تأويل الخبر، والكلام: خبرٌ، وأمرٌ) أي: أن التأويل الثالث؛ هو: الحقيقة الموجودة في الخارج، والكلام قسمان: خبر، وإنشاء.
فتأويل الأمر؛ هو نفس فعل المأمور به، وتأويل النهي هو ترك المنهي عنه، وتأويل الخبر؛ هو نفس المخبَرِ عنه الموجود في الخارج.
فقول الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣]؛ له تأويل بمعنى التفسير، وتأويل بمعنى الحقيقة، فتأويله بمعنى التفسير؛ هو ما يعبر عنه المفسرون، كقولهم: هذا أمر مِنْ الله تعالى لعباده المؤمنين بإقام الصلاة؛ وهو: أداؤها بواجباتها، وسننها، وشروطها؛ كما بيَّن النبي ﷺ، وبهذا تحصل إقامة الصلاة، ونحو هذا الكلام، فكلام المفسرين؛ هو من هذا التأويل.
وأما تأويله بمعنى الحقيقة؛ فهو أداء المسلم للصلاة، كما صلَّى النبي ﷺ، فهو - أي: المسلم - يتأول القرآن، كما قالت عائشة ﵂:(كان رسول الله ﷺ يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي»، يتأول القرآن)(١).