للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا يعرف هذا المعنى ولكنه لا يعرف دلالة هذا اللفظ عليه، فإذا لم تمكن الترجمة؛ فإنك تحضر التفاح والموز عنده وتشير إليه، وهو يعرفه مِنْ قبل، لكنه استفاد منك دلالة اللفظ على هذا المعنى عندك.

إذاً؛ الإخبار عن الغائب لا بد فيه من هذين الأمرين.

قوله: (في الشاهد) أي: في الحاضر عند العباد في الدنيا، وهذا الكلام قد تقدمت الإشارة إليه في آخر الأصل الأول في قول الشيخ: «وكلُّ ما نثبته من الأسماء والصفات؛ فلا بد أن يدل على قدر مشترك تتواطأ فيه المسميات، ولولا ذلك لما فهم الخطاب» (١).

قوله: (فنحن إذا أخبرنا الله بالغيب … ) إلخ، أي: أنَّ هذه النصوصَ معلومةٌ لنا من وجه دون وجه، كما في مطلع هذه «القاعدة» (٢)، فنفهم معنى قوله تعالى: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ﴾ [محمد: ١٥] الآية، ومعنى سائر النصوص المشتملة على ذكر؛ ما أعد الله لأوليائه من أصناف النعيم، فنفهم منها ما يمكن لنا إدراكه، أما حقائقها على ما هي عليه؛ فذلك من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، فنحن لا نتصور كُنه ذلك الماء واللبن، ولا كُنه ما فيها من المتعة واللذة.

فيجب مع فهمنا لتلك المعاني أن نفهم أن هذه المعاني ليست مثل ما في الدنيا، ولا حقيقتها كحقيقتها.


(١) ص ٢١٠.
(٢) ص ٣٥٢.

<<  <   >  >>