للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أدلة الصدق ما يضطر العقل لتصديقه، وهذا يظهر الله على يده ما يفضحه، ويضطر العقل إلى تكذيبه.

قوله: (والقياس الفاسد إنما هو من باب الشبهات)؛ فالقياس الفاسد من الشبهات التي يشتبه فيها الحق بالباطل، فيقع من لا بصيرة له في الخلط بسبب هذا القياس الفاسد، فمنشأ ضلال المعطلة؛ هو: قياس الخالق على المخلوق، ومنشأ شرك المشركين - الذين اتخذوا مع الله تعالى آلهة أخرى زاعمين أنهم يقربونهم إلى الله زلفى -؛ هو: القياس الفاسد: قياس الخالق على المخلوق، وهذا أفسد القياس.

وهكذا القياس الفاسد في الأحكام الفقهية، فمن القياس الفاسد؛ القياس الذي يعارِض النصَّ ويخالفه، وهو قياس «فاسد الاعتبار» (١).

وقد عرَّف الشيخ القياس الفاسد بقوله: (لأنه تشبيه للشيء في بعض الأمور بما لا يشبهه فيه)؛ فالقياس الصحيح؛ هو: تشبيه الشيء لغيره فيما يشبهه فيه، أمَّا قياس الشيء على غيره فيما لا يشبهه؛ فهذا قياس فاسد، ولهذا يقال: «هذا قياس مع الفارِق»؛ كقياس المبطلين الذين قالوا: ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥]؛ فجعلوا الربا مثل البيع، أي: أنه حلال، ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] فليس الربا مثل البيع، فقياسه عليه من القياس الفاسد.

قوله: (والقياس الفاسد لا ينضبط) أي: ليس له حدود، فيجري في مجالات كثيرة، فإذا كان قد وقع قياس الخالق على المخلوق، وقياس


(١) «أصول الفقه» ٣/ ١٣٥٣، و «شرح الكوكب المنير» ٤/ ٢٣٦.

<<  <   >  >>