للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبدن، فكل منهما له وجود، لكن الروح حالَّة في البدن، ولها حقيقة متميزة، كما تقدم في المثل الثاني (١).

وأما القائلون بالاتحاد فليس عندهم وجودان؛ بل الوجود عندهم واحد.

وبهذا يتبين: أن مذهبهم أقبح، وهم أكفر.

أما الاتحاد الخاص؛ فكقول بعض النصارى: «اتحد اللاهوت في الناسوت، فصارا شيئاً واحداً».

وأما الحلول الخاص؛ فكقول بعض النصارى: «حل اللاهوت في الناسوت»، وكقول غلاة الرافضة: «إن الإله حلَّ في علي وسائر الأئمة».

والله تعالى مباينٌ لخلقه، ومبابينته لخلقه؛ أعظم من مباينة أيِّ مخلوق لمخلوق، وهو عالٍ فوقَ جميعِ مخلوقاته، ومعنى كونه بائناً من خلقه: أنه ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته.

وقد صَوَّر الشيخ هذا المعنى بقوله: (مع أنه لا شيء أبعد عن مماثلة شيء … ) أي: من الخالق مع المخلوق، و «المماثلة» هي: «المشاركة في بعض الخصائص»، والمخلوقات يكون بينها مباينة كما تقدم في المثل الأول: أن موجودات الآخرة مباينة لموجودات الدنيا، فليست مثلها (٢)، وتقدم أيضاً: أن مباينة الله لخلقه؛ أعظم من مباينة موجودات الآخرة لموجودات الدنيا (١).


(١) ص ٢٤١.
(٢) ص ٢٢٥.

<<  <   >  >>