للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويلتقون معهم في نفي الصفات، فهم يختلفون معهم في موقفهم من النصوص، ويتفقون معهم في نفي الصفات.

قوله: (وهذا تناقض منهم) أي: استدلال المفوضة بهذه الآية على نفي التأويل مطلقاً تناقض منهم، والتناقض يكون بالتفريق بين المتماثلات، وبإثبات الشيء ونفيه في آن واحد.

ثم بين الشيخ هذا التناقض بقوله: (لأن هذه الآية تقتضي أن هناك تأويلاً لا يعلمه إلا الله، وهم ينفون التأويل مطلقاً) أي: أن الآية أثبتت تأويلاً لا يعلمه إلا الله، وهم ينفونه مطلقاً، وهذا هو الوجه الأول من وجهي فساد استدلالهم بالآية.

والوجه الثاني؛ هو: أن التأويل الذي أرادوه؛ هو التأويل في اصطلاحهم؛ وهو: «صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح»، وهذا التأويل قالوا: «لا يعلمه إلا الله».

وتفسيرُ التأويل الذي لا يعلمه إلا الله بهذا المعنى باطلٌ؛ لأنه تفسير لكلام الله بمعنى اصطلاحي، ولا يجوز تفسير القرآن بالمعاني الاصطلاحية التي اصطلح عليها الناس، بل يجب تفسيره إما بالمعاني اللغوية؛ لأنه نزل بلسان عربي مبين، أو بالمعاني الشرعية التي بينها الله ورسوله كما قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون (٤٤)[النحل].

فالتأويل في القرآن إما أن يراد به الحقيقة، وهذا هو الغالب، وإما أن يراد به التفسير.

<<  <   >  >>