للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وأما التأويل المذموم والباطل؛ فهو تأويل أهل التحريف والبدع … ) هذا كلام معترض، وقد تقدم في آخر «الأصل الثاني» (١)، مثال ذلك؛ وهو: قوله تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: ٥٤] و ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِين (٤)[التوبة]، فظاهرها إثبات المحبة لله تعالى، وهم يقولون: «المحبة ميل الشيء إلى ما يلائمه، وهذا المعنى لا يليق به سبحانه؛ لأنه تشبيه؛ ففي ظاهر هذه النصوص محذور»!

فيصرفون معنى النص إلى معانٍ أخرى؛ كأنْ يقولوا: المعنى: «يريد الإنعام والإحسان إليهم»، فهم فَرُّوا من إثبات حقيقة «المحبة»، وصرفوا اللفظ إلى «الإرادة»، فنقول: إنه يلزم في «الإرادة» نظير ما يلزم في المعنى المصروف عنه؛ وهو «المحبة»؛ فإن كان المنفيُّ؛ وهو «المحبة» باطلاً ممتنعاً؛ فالمثبت؛ وهو «الإرادة» مثله، وإن كان المثبت؛ وهو «الإرادة» حقاً ممكناً؛ كان المنفي؛ وهو «المحبة» مثله، فلا فرق بين المعنى المصروف عنه، والمعنى المصروف إليه؛ فإثبات أحدهما، ونفي الآخر؛ تحكمٌ، وتناقض، وتفريق بين المتماثلات.

قوله: (بغير دليل يوجب ذلك) من هنا صار هذا التأويل باطلاً، وصار تحريفاً، وقد يكون لدليل لكنه لا يُوْجِبُ، أي: غير دالٍّ على المطلوب.

وهذا كله بيان لتناقض أهل التأويل.

* * *


(١) ص ٢٢٢.

<<  <   >  >>