وأيضاً فهذا الظن يتضمن الطعن في حكمة الله تعالى، وفي حسن بيانه، والطعن في كلامه، ففيه تنقص لرب العالمين أن يخاطب عباده بما لا يُفهم منه شيء، أو بما لا معنى له، فالحكيم يُنزَّه عن أن يتكلم بما لا يفهمه أحد؛ لأنه إما أن يكون عاجزاً عن البيان، أو يكون مريداً للإلغاز والتلبيس.
ومع هذا كله؛ فهو متناقض، وقد بيَّنه بقوله:(لأنا إذا لم نفهم منه … ) هذا الكلام إلى آخر «القاعدة» كله: لبيان تناقض أهل التفويض فيما ظنوه، وقبل أن نبيِّنَ هذا التناقض يجب أن نفهم أن كلامهم - حسب ما تقدم قريباً -: قد تضمن:
* نفي التأويل مطلقاً.
* وتضمن: إثبات التأويل، وذلك في استدلالهم بقوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ﴾، وعُلِم - أيضاً - أن التأويل في اصطلاحهم؛ هو:«صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح»، أو:«صرف اللفظ عن المعنى الذي هو مقتضاه إلى غيره»، فالتأويل الذي يوافق الظاهر؛ ليس تأويلاً عندهم، والتأويل الذي يخالف الظاهر؛ تأويلٌ عندهم.
* وتضمن كلامهم - أيضاً -: أن النصوص لا يفهمها أحد، فتضمن كلامهم هذه الجوانب.