قوله:(أنا خوطبنا في القرآن بما لا يفهمه أحد) أي: له معنى، ولكن لا يفهمه أحد.
قوله:(أو بما لا معنى له) أي: بألفاظ ليس لها معنى، وإنما أُنزلت للتعبد بتلاوتها.
قوله:(أو بما لا يُفهم منه شيء) أي: أن اللفظ وإن كان له معنى؛ ولكن لا يَفهم منه أحد شيئاً.
قوله:(وهذا مع أنه باطل؛ فهو متناقض) أي: أن هذا الظن وإن كان باطلاً في ذاته شرعاً؛ فهو باطل عقلاً، ووجه بطلانه شرعاً: النصوص الكثيرة الدالة على أن لآيات القرآن معنى مفهوماً.
والدليل على هذا ما تقدم في مطلع «القاعدة» من الأمر بالتدبر (١)، فالله أمر بتدبر القرآن وذم المعرضين عن تدبره، فهذا يدل على أن جميع آيات القرآن لها معانٍ يمكن فهمها والوصول إليها بالتدبر، فما لا يفهم منه شيء وما لا يفهمه أحد؛ ليس لتدبره فائدة.
وأيضاً: وَصْفُ القرآن الكريم بأنه ﴿هُدًى﴾ في آيات [البقرة: ٢ و ٩٧ و ١٨٥]، وأنه ﴿شِفَاءٌ﴾ [يونس: ٥٧]، و (نور)[النساء: ١٧٤]، وأنه ﴿أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ [الزمر: ٢٣]؛ كلها تدل على أن آيات القرآن لها معانٍ يمكن الوصول إليها، وتحصل بها الهداية، فما لا يُفهم منه شيء؛ لا يكون هدىً ولا شفاءً لما في الصدور، ولا يكون أحسن الحديث.