فيقال:«إنه تعالى لم يزل فعَّالاً لما يريد، ولم يزل متكلماً إذا شاء»، وأما آحاد الكلام والأفعال؛ فهي حادثة بمشيئة الله.
ثم إن الصفة وإن وصفت بالقِدم؛ فإن ذلك لا يقتضي مشاركتها في شيء من خصائص الله تعالى، فالقِدم ليس من خصائص الذات المجردة؛ بل من خصائص الذات الموصوفة بالصفات؛ فلا يلزم من ذلك أن تكون إلهاً، فصفة الإله ليست إلهاً، فإن الصفة لا توصف بكل ما يوصف به الموصوف، فلا توصف بما يختص به الرب تعالى.
ومثال ذلك: أنَّ النبيَّ حادِثٌ، وصفاته حادثة، وليستْ صفةُ النبيِّ نبياً، والإنسانُ حادث وصفاته حادثة، وليستْ صفة الإنسان إنساناً، فالإنسانُ اسمٌ للموصوف، وليس اسماً للصفة، وليس كل ما يطلق على الموصوف؛ يصحُ إطلاقه على الصفة.
وقوله:(فهؤلاء إذا أطلقوا على الصفاتية) الإشارة بقوله: (فهؤلاء)، إلى المعتزلة، والمراد بالصفاتية هنا خصومهم مِنْ: الأشاعرة، ونحوهم، فإذا أطلق المعتزلةُ على الأشاعرةِ - المثبتةِ للصفاتِ في الجملة -: اسمَ التشبيهِ، والتمثيلِ؛ كان هذا بحسب اعتقاد المعتزلة في أن إثبات الصفات، أو شيء منها؛ يلزم منه التشبيه، أو التمثيل؛ بناء على أصلهم أن القِدم أخصُ أوصاف الرب تعالى.
وهذا المعنى ينازعهم فيه خصومهم مِنْ الأشاعرة، ونحوهم من الصفاتية كما تقدم.