قَوْلَي القاضي أبي يعلى (١) -؛ فيكون الكلام في هذه الصفة؛ كالكلام في صفة (الوجه)، أي: أنها من قبيل الصفات الخبرية السمعية، التي لم يدل عليها العقل، وإنما تثبت لورود السمع بها فحسب.
كما أنه قد يوافق مَنْ تقدم ذكرهم ممَّن يقول بتماثل الأجسام.
فهم يقولون:«إن هذه الصفات تثبت لورود الخبر بها، وإنها لا تستلزم الجسم، ولا تنافيه، فقد تقوم بالجسم، وبما ليس بجسم»، كما يقول ذلك مَنْ يثبت الصفات السبع، ويقوله هؤلاء في سائر الصفات التي يثبتونها.
وجَعْلُ القاضي صفةَ «العلو» صفة خبرية - أي: سمعية فقط - ليس بصحيح، والصواب: أن «العلو» صفةٌ خبريةٌ عقليةٌ، أي: دل على إثباتها: السمع، والعقل، بخلاف «الوجه»، و «اليدين»، و «الاستواء»، ونحوها؛ فإنها صفاتٌ خبرية محضة.
وظاهر كلام المؤلف أن أول قولي القاضي أبي يعلى: جَعْلُ «العلو» صفة خبرية، وأن قوله الآخر: جعله صفة عقلية.
وإذا تأمل العاقل ما أثبتوه وما نفوه؛ لم يجد فرقاً، فإذا كان ما نفوه يستلزم التشبيه؛ فما أثبتوه كذلك، وإذا كان ما أثبتوه لا يستلزم التشبيه؛ فما نفوه كذلك.
(١) «مختصر المعتمد» ١/ ٢٩٤. ولم أجد قوله الجديد، ولعله في كتابه «عيون المسائل»؛ فهو مصنف في الخلاف مع المعتزلة والأشعرية، كما ذكره شيخ الإسلام في «درء تعارض العقل والنقل» ٩/ ٣٦. وقد ذكر قوليه - أيضاً - في: «درء تعارض العقل والنقل» ٩/ ١٦، و «منهاج السنة» ٢/ ٣٢٨، و «تفسير سورة الإخلاص» ص ٣٦٠.