وأصل كلام هؤلاء كلهم على أن إثبات الصفات؛ يستلزم التجسيم، والأجسامُ متماثلةٌ. والمثبتون يجيبون عن هذا، تارة: بمنع المقدمة الأولى، وتارة: بمنع المقدمة الثانية، وتارة: بمنع كلتا المقدمتين، وتارة: بالاستفصال.
ولا ريب أن قولهم بتماثل الأجسام؛ قول باطل، سواء فسَّروا الجسم بما يشار إليه، أو بالقائم بنفسه، أو بالموجود، أو بالمركب مِنْ الهَيُوْلَى والصورة، ونحو ذلك.
فأما إذا فسَّروه بالمركب مِنْ الجواهر المفردة على أنها متماثلة؛ فهذا يُبنى على صحة ذلك، وعلى إثبات الجواهر المفردة، وعلى أنها متماثلة. وجمهور العقلاء يخالفونهم في ذلك.
يشير الشيخ إلى أن أصل كلام مَنْ تقدم ذكرهم مِنْ الأشاعرة، والمعتزلة، ونحوهم: أن إثبات الصفات يستلزم التجسيم، فالمعتزلة يقولون هذا بإطلاق، والأشاعرة، ونحوهم ممَّن يثبت بعض الصفات يقولون هذا فيما ينفونه من الصفات.
ثم يبين الشيخ أنَّ مثبتةَ الصفاتِ كلِّها؛ يردون على شبهة من نفى الصفاتِ أو بعضَها - المبنيةِ على مقدمتين: إحداهما: أن إثبات الصفات يستلزم التجسيم، والثانية: أن الأجسام متماثلة - بأحد ردود أربعة: