فيقول لهم الأشاعرة:«وأنتم - يا معتزلة - أثبتم لله تعالى أسماء، ومِن المعلوم أنه لا يوجد في الشاهد مسمى بهذه الأسماء إلا ما هو جسم، فما أثبتموه من الأسماء؛ مستلزمٌ للتجسيم، وإذا كان هذا غير لازمٍ في نظركم، فكذلك إثبات ما أثبتنا من الصفات؛ غير مستلزم للتجسيم».
فكلُّ مَنْ أثبت شيئاً؛ ألزَمَ الآخَرَ بإثباته؛ بحجة ما يوافقه فيه مِنْ الإثبات، كما أن كلَّ مَنْ نفى شيئاً منهم؛ ألزَمَ الآخَرَ بنفيه؛ بحجة ما يوافقه فيه من النفي.
فالمعتزلةُ يحتجون على الأشاعرة بما وافقوهم فيه مِنْ النفي، والأشاعرةُ يحتجون على المعتزلة بما وافقوهم فيه من الإثبات.
وأهل السنة - أيضاً - يمكنهم أن يسلكوا هذه الطريقة؛ فيحتجوا على كل منهم بما عندهم من الإثبات.
فإذا قال الأشاعرة:«إن إثبات الرضا، والغضب، والمحبة، والبغض، والاستواء، والنزول، والإتيان، والمجيء، والوجه، واليد، ونحو ذلك؛ مستلزمٌ للتجسيم».
قال لهم أهل السنة:«وكذلك العلم، والحياة، والقدرة والسمع، والبصر؛ فإنْ كان إثبات هذه لا يستلزم تجسيماً - وقد وصفتم الله تعالى بها -؛ فكذلك ما نفيتم لا تستلزم تجسيماً، وإنْ جعلتموها مستلزمة للتجسيم؛ فهذه كذلك، فالقول فيها واحد».