وكثير من أهل الكلام يسمي هذه «الأصول العقلية» لاعتقاده أنها لا تعلم إلا بالعقل فقط؛ فإن السمع هو مجرد إخبار الصادق، وخبر الصادق - الذي هو النبي - لا يعلم صدقه إلا بعد العلم بهذه الأصول بالعقل.
ثم إنهم قد يتنازعون في الأصول التي يتوقف إثبات النبوة عليها:
فطائفة تزعم أن تحسين العقل وتقبيحه داخل في هذه الأصول، وأنه لا يمكن إثبات النبوة بدون ذلك، ويجعلون التكذيب بالقدر مما [يوجبه](١) العقل.
وطائفة تزعم أن حدوثَ العالمِ مِنْ هذه الأصولِ، وأن العِلمَ بالصانعِ لا يمكن؛ إلا بإثبات حدوثِه، وإثباتُ حدوثه لا يمكن؛ إلا بحدوثِ الأجسامِ، وحدوثُها يُعلم؛ إما بحدوث الصفات، وإما بحدوث الأفعال القائمة بها، فيجعلون نفي أفعال الرب، ونفي صفاته من الأصول التي لا يمكن إثبات النبوة إلا بها.
فنَّد الشيخ ما ذهبت إليه المعتزلةُ مِنْ توقف إثبات النبوة على القول بالتحسين والتقبيح العقليين، وكذلك ردَّ ما ذهبت إليه الأشاعرة
(١) في متن «التدمرية» المطبوع: «ينفيه» واعترض عليها المحقق هناك في الحاشية. ورجَّح الشارح ما أثبتُّ.