ثم هؤلاء لا يقبلون الاستدلال بالكتاب والسنة على نقيض قولهم؛ لظنهم أن العقل عارض السمع - وهو أصله -؛ فيجب تقديمه عليه، والسمعُ؛ إما أن يؤوَّل، وإما أن يُفوَّض.
وهم - أيضاً - عند التحقيق: لا يقبلون الاستدلال بالكتاب والسنة على وِفق قولهم، لما تقدم.
وهؤلاء يضلون من وجوه، منها:
* ظنهم أن السمع [دلَّ بطريق الخبر المجرد](١)، وليس الأمر كذلك؛ بل القرآن بيَّن من الدلائل العقلية التي تعلم بها المطالب الدينية ما لا يوجد مثله في كلام أئمة النظر، فتكون هذه المطالب شرعية عقلية.
* ومنها: ظنهم أن الرسول لا يُعلم صدقه إلا بالطريق المعيَّنة التي سلكوها، وهم مخطئون قطعاً في انحصار طريق تصديقه فيما ذكروه؛ فإن طرق العلم بصدق الرسول كثيرة، كما قد بسط في غير هذا الموضع.
* ومنها: ظنهم أن تلك الطريق التي سلكوها صحيحة، وقد تكون باطلة.
* ومنها: ظنهم أن ما عارضوا به السمع معلوم بالعقل، ويكونون غالطين في ذلك؛ فإنه إذا وزن بالميزان الصحيح وُجد
(١) في المطبوع: «بطريق الخبر تارة»، واعترض عليها المحقق هناك. ورجَّح الشارح ما أثبتُّ.