للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن الناس من يثبت لله صفات مثل صفات المخلوق؛ مبالغة في الإثبات.

وبين هذين الطرفين طوائف من الناس، وكلُّ فريق من أولئك - أيضاً - هم طوائف؛ فالمعطلة طوائف، والمشبهة طوائف، فاضطربت المذاهب في هذا الأصل.

وكذلك في الشرع والقدر؛ اضطرابٌ واسع:

فمن الناس من ينفي الشرع والقدر، وينكرهما.

ومن الناس من يثبت القدر، ويكذب بالشرع.

ومن الناس من هو بالعكس (١).

فكان لا بدَّ من التنصيص على وجوب الإيمان بالشرع والقدر، و - أيضاً - فالجمع بين الشرع والقدر له معنى، وذلك: أن كلاً منهما يتعلق بأفعال العبادِ، فالقدرُ هو موجَب «الإرادة الكونية»، والشرعُ هو موجَب «الإرادة الشرعية»، فهما متعلقان بأفعال المكلفين، فما يقع من أفعال المكلفين؛ فإنه تجري فيه الأحكام الكونية، والأحكام الشرعية.

فطاعة المؤمن؛ موجَب الإرادتين، وكفر الكافر؛ هو موجَب «الإرادة الكونية»، فالإرادتان تجتمعان في إيمان المؤمن، وتنفرد «الإرادة الكونية» في كفر الكافر، ومعصية العاصي (٢).


(١) سيأتي تفصيل أقوال الناس في هذا الباب في ص ٦٦٦.
(٢) قال شيخ الإسلام: «الإرادة نوعان: منها ماهو بمقتضى الربوبية، وهي: الإرادة الكونية، ومنها: ما هو بمقتضى الإلهية، وهي: الإرادة الدينية؛ فالأولى: إرادة فاعلية، =

<<  <   >  >>