إذاً؛ فالشرع والقدر بينهما ارتباط من حيث تعلقُهما بأفعال المكلفين؛ فإن أفعال العباد لا تخرج عن قدر الله تعالى.
ولهذا فإن الذين اختلفوا في القدر؛ اختلفوا في أفعال العباد، فالجبرية يقولون:«لا فعل للعبد». والقدرية النفاة يقولون:«إن العباد هم الخالقون لأفعالهم». والحق: أن أفعال العباد هي أفعالهم لا أفعال الله، والعبادُ وأفعالهم كلهم خَلقُ الله تعالى، على حد قوله تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الزمر: ٦٢]، وقوله تعالى عن إبراهيم: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُون (٩٦)﴾ [الصافات].
ثم ذكر الشيخ السبب الثالث لأهمية تحقيق هذين الأصلين بقوله:(فإنهما مع حاجة كلِّ أحد إليهما، ومع أن أهل النظر والعلم، والإرادة والعبادة؛ لا بدَّ أن يخطر لهم في ذلك من الخواطر والأقوال ما يحتاجون معه إلى بيان الهدى من الضلال).
المعْنِيون بالدين فئتان: أهل علم، وأهل عبادة، أي: من يغلب عليه جانب العلم والنظر والبحث في المسائل، ومن يغلب عليه جانب السلوك والعبادة والإرادة والنواحي القلبية.
= والثانية: إرادة غائية، الأولى: من اسمه الأول، والثانية: من اسمه الآخر، الأولى يكون الرب بها مريداً، والعبد مراداً إرادةَ تكوين وربوبية، ولذلك يكون مريداً، والثانية: يكون الرب بها مريداً إرادة حبٍّ ورضى وإلهية، والعبد - أيضًا - مريداً إرادة عبادةٍ وديانة وإنابة وإرادة وقصد، وقد يكون بها مراداً إرادة ربوبية إذا حصل ذلك». «جامع المسائل» ٦/ ٦٧، وانظر: «مجموع الفتاوى» ٨/ ١٨٨، و «الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان» ص ٢٦٦، و «شفاء العليل» ص ٢٨٠.