للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - أو ينفذ مراد أحدهما دون الآخر، وحينئذ؛ فلا يكونان متماثلين؛ بل يكون الرب هو الذي نفذ مراده، والآخر عاجزاً لا يصلح أن يكون رباً.

ودليل التمانع دليل عقلي صحيح، ولكن من خطإِ أهل الكلام فيه: أن فسَّروا به قول الله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢]، وهذا غير صحيح؛ لأن الآية في «توحيد الإلهية»، وهي تدل على امتناع تعدُّدِ الإله المعبود، وهو يستلزم امتناع تعدد الخالق (١).

ومثل هذه الآية قوله تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُون (٩١)﴾. أي: لو كان معه إله؛ لذهب كل إله بما خلق؛ لأنه من شأن الإله أن يكون له خلق، وأن تكون قدرته نافذة، وقال: ﴿وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ لأن من شأن القادر أن يكون له العلو والرفعة على من سواه.

وعلى أحد التفسيرين (٢) قوله تعالى: ﴿قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا (٤٢)[الإسراء] أي: سبيلاً إلى مغالبته.


(١) «جامع المسائل» ٦/ ١٧٤، و «شرح الأصبهانية» ص ١٢١.
(٢) «تفسير البغوي» ٥/ ٩٥، و «المحرر الوجيز» ٣/ ٤٥٩، و «زاد المسير» ٥/ ٣٨، و «الدر المنثور» ٩/ ٣٤٩، ورجح ابن تيمية أن معنى: «سبيلاً» أي: بالتقرب بعبادته وذِكْرِه. «مجموع الفتاوى» ١٦/ ٥٧٧، و «درء التعارض» ٩/ ٣٥٠، واقتصر الطبري في «تفسيره» ١٤/ ٦٠٣، وابن كثير في «تفسيره» ٥/ ٧٨ على ذِكر ما رجحه شيخ الإسلام.

<<  <   >  >>