فكل هذه الآيات تدل على أنه لا يمكن أن يوجد إله حق غير الله؛ لأنه لو فرض وجود إله آخر حق؛ لفسدت السموات والأرض.
وهذا التوحيد الثالث عند أهل الكلام الذي يسمونه «توحيد الأفعال»؛ وهو:«أن خالق العالم واحد»، هذا حق، وإنما غلط أهل الكلام فيه من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: ظنهم أنه هو التوحيد المطلوب من المكلفين، والمقصود بدعوة الرسل.
والحقُّ أن هذا التوحيد مطلوبٌ، لكن ليس هو كل التوحيد، ولا يكفي لدخول صاحبه في الإسلام، والرسل دعت إليه، كما دعت إلى «توحيد العبادة»، لكن المقصود الأول؛ هو: الدعوة إلى «توحيد العبادة».
الثاني: ظنهم أن هذا التوحيد؛ هو معنى (لا إله إلا الله)، وفسروا (الإلهية) بالقدرة على الاختراع.
وهذا غلط، ف «توحيد الربوبية»، وكون الله تعالى هو الخالق، وإن كان هو مِنْ معنى «لا إله إلا الله»، وهي تدل عليه بطريق التضمن؛ إلا أن معناها الصحيح:«لا معبود بحق إلا الله»، فهي تُفَسَّر بتوحيد «الإلهية»، و «العبادة»، لا ب «توحيد الربوبية».
الثالث: أنهم لما جعلوا «توحيد الأفعال» الغاية العظمى والمقصود الأول من دعوة الرسل؛ أهملوا ذكر «توحيد العبادة»؛ فلا يبحثون فيه ولا يتكلمون عنه في عقائدهم.