للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم هناك مَنْ يجعل بعض الموجودات خلقاً لغير الله، كما عند القدرية المعتزلة نفاة القدر، الذين يجعلون أفعالَ العباد مخلوقةً لهم.

فهم أخرجوا أفعال العباد من خَلْقِ الله تعالى، ومشيئته، وملكه فأخرجوا بعض الموجودات مِنْ ملك الله وخلقه، وهذه صورة مِنْ صور الشرك في الربوبية، ولكن هؤلاء القدرية مع قولهم هذا؛ فإنهم يقرون بأن الله تعالى خالق العباد، وخالق قدرتهم، وإن قالوا: (إن العباد خالقون لأفعالهم).

أما أهل السنة والجماعة؛ فيقرون أن الله تعالى خالق العباد، وخالق قدرتهم، وأفعالهم.

ومن صور الشرك في الربوبية، ما يزعمه أهل الفلسفة، والطَّبْع، والنجوم، الذين يجعلون بعض المخلوقات مبدِعة لبعض الأمور، ومؤثرة استقلالاً، كما يجعلون الأسباب مؤثرة بنفسها؛ كاعتقادهم: أن النار محرقة استقلالاً، وكما يعتقد أهل النجوم بتأثير الكواكب في الحوادث الأرضية.

فكل هؤلاء وقعوا في الشرك في الربوبية، حيث جعلوا بعض الموجودات خلقاً لغير الله، ولكنهم لم يصلوا إلى اعتقاد خالقين متكافئين.

فتقرير أهل الكلام لتوحيد الربوبية الذي يسمونه توحيد الأفعال، أي: اعتقاد أن خالق العالم واحد، لا يصلح أن يرد به على المشركين في توحيد العبادة؛ لأنهم يؤمنون بتوحيد الربوبية، ومنه تفرد الله تعالى

<<  <   >  >>