للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكلام هنا يشبه ما سبق في مطلع «القاعدة السادسة» (١)، فيقال: «إن قولهم بأن الله تعالى لا شبيه له»، إن أرادوا المماثلة؛ وهي: المساواة من جميع الوجوه؛ فهذا النفي حق، لكن لا يوجد في الأمم من أثبت لله تعالى مماثلاً له في ذاته وصفاته، وعلى هذا يمكن أن يقال: إن هذا النفي لا فائدة منه؛ لعدم وجود قائل به أصلاً.

وقد يراد بنفي الشبيه: نفي المشارك لله تعالى في شيء من خصائصه؛ ممَّا يختص بوجوبه، أو جوازه، أو امتناعه، وهذا حقٌّ، وهو معلوم بضرورة العقل امتناعه؛ إذ لو جازت هذه المشابهة؛ لجاز أن يوصف المخلوق بصفات الخالق؛ مِنْ نحو: وجوب الوجود، والغنى، ولجاز أن يوصف الخالق بصفات المخلوق؛ مِنْ نحو: الافتقار، والفناء، ونحو ذلك؛ وهذا باطلٌ؛ لأنه يستلزم الجمع بين النقيضين، كما تقدم (٢).

نعم، قد يوجد مَنْ يشَبِّه بعض المخلوقات بالله في بعض الأمور؛ كما ينسب المشركون الإلهيةَ لمعبوداتهم - والإلهيةُ مِنْ خصائص الله تعالى -، وكذلك مَنْ ينسب علم الغيب لبعض الخلق، وكذا من ينسب بعض القدرة للخلق، وهي لا تصلح إلا لله تعالى.

ويحتمل أن يراد بنفي الشبيه: نفي الاتفاق والمشاركة بين الخالق والمخلوق بوجه من الوجوه، وتقدم (٣): أن هذا المعنى ممتنع نفيه؛


(١) ص ٤٦٢.
(٢) ص ٤٦٤.
(٣) ص ١٤٦.

<<  <   >  >>