وكذلك النوع الثاني، وهو قولهم:«لا شبيه له في صفاته»، فإنه ليس في الأمم مَنْ أثبت قديماً مماثلاً له في ذاته، سواء قال:«إنه مشاركه»، أو قال:«إنه لا فعل له»؛ بل مَنْ شبه به شيئاً من مخلوقاته؛ فإنما يشبِّهه به في بعض الأمور.
وقد عُلم بالعقل امتناع أن يكون له مثلٌ في المخلوقات، يشاركه فيما يجب، أو يجوز، أو يمتنع؛ فإن ذلك يستلزم الجمع بين النقيضين كما تقدم، وعُلم - أيضاً - بالعقل أنَّ كلَّ موجودَينِ قائمينِ بأنفسهما؛ فلا بدَّ بينهما من قدر مشترك، كاتفاقهما في مسمى: الوجود، والقيام بالنفس، والذات، ونحو ذلك، وأن نفي ذلك؛ يقتضي التعطيل المحض، وأنه لابدَّ مِنْ إثبات خصائص الربوبية. وقد تقدم الكلام على ذلك.
تكلم الشيخ هنا عن النوع الثاني من أنواع التوحيد عند أهل الكلام؛ وهو قولهم:«إن الله تعالى واحد في صفاته لا شبيه له»، وهذا الكلام في ظاهره صحيح، ولو قال ذلك واحد من أهل السنة والجماعة؛ لسُلِّم له، ولكن أهل الكلام صاروا يستعملون ألفاظاً فيها إجمال، ويدخلون فيها معاني باطلة؛ ولذا وجب الحذر، والاستفصال عن مرادهم بالألفاظ التي يطلقونها؛ فيثبت الحق، وينفى الباطل.