للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما المعتزلة فهم ينفون الصفات، ويقاربون قول جهم، لكنهم ينفون القدر، فهم وإن عظموا الأمر والنهي، والوعد والوعيد، وغلوا فيه؛ فهم يكذِّبون بالقدر، ففيهم نوع من الشرك من هذا الباب.

والإقرارٌ بالأمر والنهي، والوعد والوعيد، مع إنكار القدر؛ خيرٌ من الإقرار بالقدر مع إنكار الأمر والنهي، والوعد والوعيد، ولهذا لم يكن في زمن الصحابة والتابعين مَنْ ينفي الأمر والنهي، والوعد والوعيد، وكان قد نبغ فيهم القدرية، كما نبغ فيهم الخوارج الحرورية، وإنما يظهر مِنْ البدع أولاً ما كان أخف، وكلما ضعف مَنْ يقوم بنور النبوة؛ قويت البدعة.

يعقد الشيخ هنا موازنة بين المعتزلة والجهمية في ثلاثة أشياء؛ في الصفات، والقدر، والوعد والوعيد.

فأما في الصفات؛ فهم مقاربون للجهمية، حيث إن المعتزلة تنفي الصفات، وجهماً ينفي الأسماء والصفات.

وأما في القدر؛ فهم متناقضون، فجهم يغلو في إثبات القدر إلى حد الجَبْر، والمعتزلة ينفون القدر، ففيهم نوعُ شركٍ، وذلك بإخراجهم أفعال العباد عن خلق الله، وجعلِهم العبد يخلق فعله بنفسه.

<<  <   >  >>