للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعتزلة يعظمون الأمر والنهي، والوعد والوعيد إلى حد الغلو في ذلك، حيث قالوا بإخراج مرتكب الكبيرة من الإيمان، وبتخليده في النار.

وأما جهم؛ فإنه قال: «إن الإيمان هو المعرفة، ولا يضر مع الإيمان ذنب»؛ فالمعتزلةُ وعيديةٌ، والجهميةُ مرجئةٌ.

وبعد هذه الموازنة يبيِّن الشيخ أن المعتزلةَ - على قبح قولهم - خيرٌ من الجهمية؛ فإن الإقرارَ بالأمر والنهي، والوعد والوعيد مع إنكار القدر؛ خيرٌ من الإقرار بالقدر مع إنكار الأمر والنهي، والوعد والوعيد؛ لأن هذا الأخير يؤدي إلى فساد الدين والدنيا، وعدم استقرار أمور الفرد والجماعة (١).

فبدعةُ الجبر والإرجاء؛ أقبحُ وأظهرُ فساداً من بدعة إنكار القدر والقول بتخليد مرتكب الكبيرة في النار.

ومن آثار هذا التفاوت بين الطائفتين: أن إنكار الأمر والنهي، والقول بالإرجاء والجبر؛ لم يظهر في عهد الصحابة، وإنما ظهرت بدايتها في القرن الثاني، بخلاف التكذيب بالقدر؛ فقد ظهر في زمن الصحابة، وكذلك بدعة التكفير بالمعاصي؛ ظهرت في عهد علي بن أبي طالب .


(١) «مجموع الفتاوى» ٨/ ١٠٠ و ١٠/ ٦٧١ و ١١/ ٢٩.

<<  <   >  >>