للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاء القدرية النفاة فرقتان: غلاة، ومقتصدون.

وهذا الانقسام يرجع إلى مراتب القدر الأربع.

فالغلاة - وهم مُتقدِّمُو القدرية (١) - ينفون علم الله السابق، وكتابته، فيقولون: «إن الله تعالى لا يعلم الأشياء إلا بعد وجودها»، وعليه؛ فلا كتابة أيضاً؛ بل الأمر عندهم أُنُفٌ - يعني: مستأنف - لم يسبقه علم، ولا كتابة.

وأما المقتصدون؛ فهم عموم المعتزلة، ومَن وافقهم، فينفون عموم مشيئة الله تعالى، وخلقه، يعني: يخرجون أفعال العباد عن مشيئة الله تعالى، وخلقه وقدرته، فيقولون: «إن العباد هم الخالقون لأفعالهم»، فهم يثبتون العلم السابق، والكتاب الأول؛ فيثبتون المرتبتين الأُوليين من مراتب القدر الأربعة، وهي:

١ - عِلم الله السابق بكل شيء.

٢ - كتابة كل شيء مقدر وكائن حتى تقوم الساعة.

٣ - عموم مشيئة الله، وهو ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

٤ - عموم خلق الله تعالى للأشياء؛ فإنه تعالى خالق كل شيء، بما في ذلك أفعال العباد.

فالمقتصدون من القدرية أقروا بالمرتبتين الأُوليين، وأنكروا المرتبتين الأخيرتين.


(١) وقد ظهروا في آخر عهد الصحابة، كما في «صحيح مسلم» (٨) عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر .

<<  <   >  >>