للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه تسميتهم بالمجوس؛ أن المجوس يقولون بخالِقَين: النور والظلمة، وهؤلاء يقولون بخالِقِين؛ حيث جعلوا العباد خالِقِين لأفعالهم، فأشبهوا المجوس في القول بتعدد الخالق.

والفرقة الثانية: المشركِيَّة؛ وهم: الذين أقروا بالقدر، وأنكروا الشرع، وهؤلاء؛ هم: الجبرية، وقد ذكر الله تعالى سلفهم بقوله: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾، فمن احتج بالقدر على الأمر الشرعي، وعارض الأمر بالقدر؛ فهو من هؤلاء الجبرية المشبَّهين بالمشركين.

وهذا المذهب وقع فيه كثير من المتصوفة الذين يدَّعون «الحقيقة»، فيقفون عند شهود الحقيقة الكونية، ويفنون في توحيد الربوبية، ويعرضون عن الأمر والنهي.

الطائفة الثالثة: الإبليسية؛ وهم: الذين أقروا بالأمرين، أي: بالشرع والقدر، ولكنهم طعنوا في حكمة الرب وعدله، وجعلوا ذلك تناقضاً من الرب ، وسموا بذلك؛ لأنهم سلكوا في ذلك مسلك مُقَدَّمِهم إبليسَ الذي عارض بين الأمر والقدر، فقال - كما حكى الله تعالى عنه -: ﴿فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيم (١٦)[الأعراف]، وقال: ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين (٣٩)[الحجر].


= وانظر: «أجوبة الحافظ ابن حجر عن أحاديث المصابيح» ٣/ ١٧٧٩، وتعليق المعلمي على «الفوائد المجموعة» ص ٥٠٣.

<<  <   >  >>