ومن قال: يفعل عندها لا بها؛ فقد خالف ما جاء به القرآن، وأنكر ما خلقه الله مِنْ القُوى والطبائع، وهو شبيه بإنكار ما خلقه الله من القوى التي في الحيوان، التي يفعل الحيوان بها؛ مثل قدرة العبد.
اختلف الناس في مسألة الأسباب على ثلاثة أقوال:
الأول: أن الأسباب مؤثرة في مسبَّباتها بمشيئة الله تعالى وتقديره، وهذا هو المذهب الحق، وهو مذهب أهل السنة والجماعة.
الثاني: اعتقاد أن الأسباب مؤثرة في مسبَّباتها بذاتها وطبعها، وقد أخذ بنصيب من ذلك: القدرية، الذين أخرجوا أفعال العباد عن خلق الله تعالى، وزعموا أن العبد يخلق فعل نفسه.
الثالث: إنكار الأسباب؛ ومعناه: إنكار تأثير الأسباب، وهذا مذهب الجبرية الغلاة، الذين نفوا فعل العبد، ومشيئته، واختياره.
فمَن قال:«إن الله تعالى يخلق عند الأسباب لا بها»؛ فقد خالف الشرع، والحس، فهم يقولون:«إن الله تعالى يخلق الشبع عند الأكل لا بالأكل؛ فليس الأكل سبباً للشبع»، كما يقولون:«إن الله يخلق النبات عند وجود الماء في الأرض لا أن الماء مؤثر في حصول النبات»،