للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا، ف «الباء» عند هؤلاء في مثل قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ [الأعراف: ٥٧] للمصاحبة، وليست للسببية (١).

كما أن «لام التعليل» عند هؤلاء تكون للعاقبة والصَّيْرُورة (٢)؛ لأن من ينكر الأسباب ينكر الحكمة أيضاً، فليس عندهم «علة غائية»، ولا «فاعلية» (٣)؛ بل ليس ثَمَّ إلا المشيئة النافذة العامة، وهذا ما تقوله الأشاعرة.

وإثبات المشيئة حق، ولكن لا يمنع أن يكون شيء بتأثير شيء آخر، والجميع بمشيئة الله تعالى.

فمنكرو الأسباب: أنكروا ما خلقه الله تعالى من القوى والطبائع، فأنكروا ما خلقه الله من القوى التي يفعل بها الحيوان؛ مثل: قدرة العبد (٤).

والجبريةُ: أنكروا قدرة العبد وإرادته، وقالوا: «إن أفعال العبد مخلوقة لله تعالى، ولا تأثير لقدرة العبد»، حتى قالوا: «إنه ليس للعبد قدرة، ولا مشيئة».

فقولُ الجبرية داخلٌ في عموم إنكار الأسباب؛ لأن قدرةَ العبد سببٌ لفعله.

* * *


(١) الباء المفردة حرف جر، ولها أربعة عشر معنىً، منها ما ذُكر. انظر: «مغني اللبيب» ص ١١٨.
(٢) للام الجارة اثنان وعشرون معنىً؛ منها ما ذكر. انظر: «مغني اللبيب» ص ٢٣٣. وانظر: «شفاء العليل» ص ٤.
(٣) تقدم بيان معناها في ص ١٨٣.
(٤) «مجموع الفتاوى» ٨/ ١٧٥ و ٩/ ٢٨٨، و «منهاج السنة» ٣/ ١٣ و ١١٢.

<<  <   >  >>