للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن من جعلها هي المبدعة لذلك؛ فقد أشرك بالله، وأضاف فعله إلى غيره، وذلك أنه ما من سبب من الأسباب؛ إلا وهو مفتقر إلى سبب آخر في حصول مسبَّبه، ولابدَّ له من مانع يمنع مقتضاه؛ إذا لم يدفعه الله عنه، فليس في الوجود شيء واحد يستقل بفعل شيء؛ إلا الله وحده، قال تعالى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون (٤٩)[الذاريات] أي: فتعلمون أن خالق الأزواج واحد.

ولهذا من قال: «إن الله لا يصدر عنه إلا واحد، لأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد»؛ كان جاهلاً؛ فإنه ليس في الوجود واحد صدر عنه وحده شيء، لا واحد ولا اثنان؛ إلا الله ﴿الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُون (٣٦)[يس].

فالنار التي جعل الله فيها حرارة؛ لا يحصل الإحراق إلا بها وبمحل يقبل الاحتراق، فإذا وقعت على «السَّمَنْدَل»، و «الياقوت»، ونحوهما؛ لم تحرقهما، وقد يُطلى الجسم بما يمنع إحراقه.

والشمس التي يكون عنها الشعاع؛ لابدَّ من جسم يقبل انعكاس الشعاع عليه، وإذا حصل حاجز من سحاب أو سقف؛ لم يحصل الشعاع تحته، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع (١).


(١) «نقض المنطق» ص ٢٥٨، و «درء التعارض» ١٠/ ١٤٧، و «منهاج السنة» ١/ ٢٢٢، و «مجموع الفتاوى» ٨/ ١٣٣.

<<  <   >  >>