أي: فمَن جعل الأسباب هي المبدعة والخالقة للمسبَّبات، ومِن ذلك: مَنْ جعل قدرة العبد هي المبدعة لفعله؛ كقول القدرية المعتزلة:«إن العبد يخلق فعل نفسه»، فهذا شرك بالله، حيث جعل السبب هو المبدع والموجِد للمسبَّب استقلالاً.
ولهذا قال بعض العلماء:«الالتفات إلى الأسباب؛ شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً؛ نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية؛ قدح في الشرع»(١)
فالأول: نوع من الشرك في العبادة، كما أن جعل الأسباب هي المؤثرة في مسبَّباتها من نوع الشرك في الربوبية.
والثاني: قدح في العقل، والشرع.
والثالث: قدح في الشرع، لأن الشرع جاء بالأخذ بالأسباب.
وقد ذكر الشيخ أنه لا يوجد في المخلوقات سببٌ واحد مؤثر في شيء آخر مستقلاً بالسببية؛ بل ما من سبب من الأسباب إلا وهو مفتقر إلى سبب آخر في حصول مسبَّبه، وأيضاً؛ فإنه ما من سبب إلا وله مانع يمنع مقتضاه إذا لم يدفعه الله عنه.
(١) نسبه شيخ الإسلام في «منهاج السنة» ٥/ ٣٣٦، و «بغية المرتاد» ص ٢٦٢: إلى أبي حامد الغزالي وابن الجوزي، وهو بمعناه في كتابيهما: «إحياء علوم الدين» ٤/ ٣٧٤، ومختصره «منهاج القاصدين» ٣/ ١٢٢٧.