للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا يتبين: أنه ليس في الوجود شيء يستقل بفعل شيء إلا الله وحده، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون (٤٩)﴾، أي: فتعلمون أن خالق الأزواج واحد (١).

ومن ذلك يتبين فساد قول الفلاسفة بأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، فالله الواحد لم يصدر عنه - عندهم - إلا واحد، وهو العقل الأول؛ فهذا الكلام: باطل عقلاً، وشرعاً، ومتناقض.

أما في حق الله تعالى؛ فبطلانه ظاهر، فالله تعالى خالقُ كل شيء؛ فليس في الوجود واحد صدر عنه وحده شيء، لا واحد ولا اثنان؛ إلا الله وحده، الذي خلق الأزواج كلها.

وأما بالنسبة للمخلوق؛ فليس هناك مخلوق يصدر عنه وحده شيء استقلالاً؛ بل لا بدَّ له من سبب، أو أسباب أخرى تعينه في حصول مسبَّبه، ولا بدَّ من زوال الموانع التي تمنع تأثيره، ومردُّ ذلك كله إلى مشيئة الرب تعالى؛ فلا تأثير لسبب، ولا يندفع ما يمنعه إلا بمشيئته تعالى.

وقد ضرب الشيخ لذلك مثلين:

أحدهما: النار التي جعل الله فيها الحرارة؛ فإنه لا يحصل الإحراق بها إلا بملاقاة مَحَلٍّ قابل للاحتراق، فإذا وقعت - مثلاً - على


(١) «تفسير الطبري» ٢١/ ٥٤٩، و «تفسير البغوي» ٧/ ٣٧٩.

<<  <   >  >>