والمقصود هنا أنه لا بدَّ مِنْ الإيمان بالقدر؛ فإن الإيمان بالقدر مِنْ تمام التوحيد، كما قال ابن عباس ﵄:«هو نظام التوحيد، فمن وحَّد الله وآمن بالقدر؛ تمَّ توحيده، ومن وحَّد الله، وكذب بالقدر؛ نقضَ تكذيبُه توحيدَه».
ولا بدَّ من الإيمان بالشرع؛ وهو: الإيمان بالأمر والنهي، والوعد والوعيد، كما بعث الله بذلك رسله، وأنزل كتبه.
والإنسانُ مضطرٌ إلى شرع في حياته الدنيا، فإنه لا بدَّ له مِنْ حركة يجلب بها منفعته، وحركة يدفع بها مضرته، والشرعُ هو الذي يميِّز بين الأفعال التي تنفعه، والأفعال التي تضره، وهو عدل الله في خلقه، ونوره بين عباده، فلا يُمْكِن الآدميين أن يعيشوا بلا شرع يميِّزون به بين ما يفعلونه، ويتركونه.
وليس المراد بالشرع مجرد العدل بين الناس في معاملاتهم؛ بل الإنسان المنفرد لا بدَّ له من فعل وترك، فإن الإنسان همَّام حارث، كما قال النبي ﷺ:«أصدقُ الأسماء حارثٌ وهمَّام»، وهو معنى قولهم:«متحرك بالإرادة»، فإذا كان له إرادة هو متحرك بها؛ فلا بدَّ أن يعرف ما يريده، هل هو نافع له، أو ضار؟ وهل يصلحه، أو يفسده؟
وهذا قد يعرف بعضه الناس بفطرتهم، كما يعرفون انتفاعهم بالأكل والشرب، وكما يعرفون ما يعرفون من العلوم الضرورية