للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإنسان مفتقر ومضطر إلى شرع في حياته الدنيا، ولو كان يعيش وحده؛ فلا بدَّ له مِنْ شرع يميز به بين ما يفعل، وما يترك، وما ينفعه، وما يضره (١).

وليس المراد بالشرع مجرد العدل بين الناس في معاملاتهم، وفض خصوماتهم، وبيان أحكام جناياتهم، ومعاملاتهم مع غيرهم؛ فهذا كله من الشرع، وليس الشرع مقصوراً عليه.

فالإنسان وإن كان منفرداً؛ فلا بدَّ له مِنْ فعلٍ وترك، فإن الإنسان بطبعه همامٌ حارث، مريد فعَّال، كما قال النبي : («أصدق الأسماء حارث وهمام») (٢).

فإذا كان الإنسان له إرادة، وهو متحرك بها؛ فلا بدَّ أن يَعرف ما يريده، هل هو نافع له، أو ضار؟ وهل يصلحه، أو يفسده؟ فهو محتاج إلى ما يميز به بين النافع والضار، والصالح والفاسد؛ من إرادته، وأفعاله، وتروكه في حياته الدنيا والآخرة، وهذا هو الشرع.

وقول الشيخ: (إنه لا يمكن الآدميين أن يعيشوا بلا شرع)؛ إن كان المراد أنه لا يمكن أن يعيشوا عيشة سعيدة بلا شرع الله؛ فهذا واضح؛


(١) «مجموع الفتاوى» ١٩/ ٩٩، و ٢٠/ ٦٧
(٢) رواه أحمد ٤/ ٣٤٥، والبخاري في «الأدب المفرد» (٨١٦)، وأبو داود (٤٩٥٠) من حديث أبي وهب الجشمي، وأعلَّه أبو حاتم الرازي كما في «العلل» لابنه (٢٤٥١) بأن أبا وهب الجُشَمي؛ هو: الكلاعي، وهو دون التابعين وليس صحابياً، وأيَّده ابن حجر في «النكت على كتاب ابن الصلاح» ٢/ ٧٨٨، و «الإصابة في تمييز الصحابة» ٧/ ٣٧٥.

<<  <   >  >>