فالله تعالى سمى المأمور معروفاً، والحلال طيباً، كما سمى المنهي عنه منكراً، والحرام خبيثاً.
كما قال تعالى: ﴿يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: ١٥٧]، وقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ [المائدة: ٤].
والأشاعرة الذين قالوا:«إنما يعرف الحَسَن والقبيح من الشرع فقط»، قالوا:«إن الأشياء في ذاتها متساوية؛ فلا تُوصف بالحسن والقبح في ذاتها»، ونشأ عن ذلك: نفي حكمة الرب تعالى، فعندهم لا فرق بين التوحيد والشرك، وإنما صار التوحيد حسناً بالأمر به، وصار الشرك قبيحاً بالنهي عنه، ولو انعكس الواقع في الأمر والنهي؛ لانعكس الحسن والقبح.
وهكذا الحال في الصدق والكذب، والعدل والظلم، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال، والأبرار والفجار، وأهل الجنة وأهل النار؛ فلا فرق في حقيقة الأمر بين إثابة الأبرار بالجنة، وعقاب الفجار بالنار، وإنما الأمر راجع إلى محض المشيئة الإلهية؛ فلا حِكَم ولا تعليل عندهم، فقد تقتضي المشيئة: تعذيب الأبرار، وتنعيم الفجار.
فالأشياء في ذاتها سواء مِنْ: الأفعال، أو الأقوال، أو الذوات، وإذا كان الأمر كذلك - عندهم - فالله تعالى - على هذا - غير مستحقٍّ للحمد على ما فعله من العدل، أو تركه من الظلم، ولا على ما فعله من الإحسان والنعمة، أو تركه من العذاب والنقمة؛ لأن الذي يستحق