الكونية، ويعرضون عن الأمر والنهي، وهم الذين تقدم تسميتهم ب «المشركيَّة»(١).
فهؤلاء ينظرون إلى القدر وحده، ويعرضون عن الشرع، ويقفون عند الحقيقة الكونية، وهي: كون الله تعالى خالق كل شيء.
وهؤلاء لم يميزوا ولم يفرقوا بين الأضداد؛ فلم يفرقوا بين العلم والجهل، ولا بين الصدق والكذب، ولا بين الطاعة والمعصية، ولا بين البر والفجور، ولا بين العدل والظلم، ولا بين الهدى والضلال، ولا بين الرشد والغي، ولا بين أولياء الله وأعدائه، ولا بين أهل الجنة وأهل النار.
ويرون أن حقيقة التوحيد وكماله؛ عدم التفريق بين الأشياء في ذاتها، فتحقيق التوحيد وشهود كمال الربوبية يكون - عندهم - بعدم التمييز بين الأشياء، ومتى فَرَّق الشخص بين الأشياء، من الطاعة والمعصية، والعدل والظلم، والصدق والكذب، والنافع والضار، والواجب والمحرم، والحسن والقبيح، وغير ذلك؛ لم يكن موحداً، ولا محققاً لشهود كمال «توحيد الربوبية» الذي يسمونه «الفناء».
وقد اتفق الأشاعرة، وغلاة الصوفية على أن الأشياء في ذاتها لا فرق بينها؛ بل هي سواء.
والفرق بين الأشاعرة، وغلاة الصوفية في هذا المقام، أن الأشاعرة جعلوا الشرع مفرقاً بين الأشياء التي هي عندهم متساوية في ذاتها،