ومن ظن أن البشر ينتهي إلى حد يستوي عنده الأمران دائماً؛ فقد افترى، وخالف ضرورة الحس، ولكن قد يَعرِض للإنسان بعض الأوقات عارض؛ كالسُّكْر، والإغماء، ونحو ذلك ممَّا يشغله عن الإحساس ببعض الأمور، فأما أن يسقط إحساسه بالكلية مع وجود الحياة فيه؛ فهذا ممتنع.
فإن النائم لم يسقط إحساس نفسه؛ بل يرى في منامه ما يسره تارة، وما يسوؤه أخرى، فالأحوال التي يُعبر عنها ب «الاصطلام»، و «الفناء»، و «السُّكر»، ونحو ذلك؛ إنما تتضمن عدم الإحساس ببعض الأشياء دون بعض، فهي مع نقص صاحبها؛ لضعف تمييزه؛ لا تنتهي إلى حد يسقط فيه التمييز مطلقاً.
يذكر الشيخ هنا أن من نفى التمييز بين الأشياء مطلقاً، فهو مخالف لضرورة الحس.
وتكلم الشيخ هنا عن بعض مصطلحات الصوفية؛ وهي:(الاصطلام)، و (الفناء)، و (السُّكْر)، وهي عبارات متقاربة مؤداها: الوصول إلى حالة يفقد فيها الشخص التمييز بين الأشياء (١).
(١) «التوقيف على مهمات التعاريف» ص ٦٨ و ٥٦٥ و ٤٠٩، و «معجم الصوفية» ص ٤٩ و ٣١٩ و ٢١١.