السالكين، وليس هو من لوازم طريق الله، ولهذا لم يعرض مثل هذا للنبي ﷺ، والسابقين الأولين.
ومن جعل هذا نهاية السالكين؛ فهو ضال ضلالاً مبيناً، وكذلك من جعله من لوازم طريق الله؛ فهو مخطئ؛ بل هو من عوارض طريق الله التي تعرض لبعض الناس دون بعض، ليس هو من اللوازم التي تحصل لكل سالك.
وأما الثالث؛ فهو: الفناء عن وجود السِّوى، بحيث يرى أن وجود المخلوق؛ هو عين وجود الخالق، وأن الوجود واحد بالعين، فهذا قول أهل الإلحاد والاتحاد، الذين هم من أضل العباد.
وأما مخالفتهم لضرورة العقل والقياس، فإن الواحد من هؤلاء لا يمكنه أن يَطْرُدَ قوله؛ فإنه إذا كان مشاهداً للقدر مِنْ غير تمييز بين المأمور والمحظور، فعومل بموجب ذلك، مثل: أن يُضرب ويُجاع حتى يبتلى بعظيم الأوصاب والأوجاع؛ فإن لامَ مَنْ فعل ذلك به وعابه؛ فقد نقض قوله، وخرج عن أصل مذهبه، وقيل له: هذا الذي فعله مَقضيٌ مقدور، فخلقُ الله وقدره، ومشيئته؛ متناولٌ لك وله، وهو يَعُمُّكما، فإن كان القدر حجة لك؛ فهو حجة لهذا، وإلا فليس بحجة لا لك، ولا له.
فقد تبيَّن بضرورة العقل؛ فساد قول مَنْ ينظر إلى القدر، ويعرض عن الأمر والنهي.