للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفناء في اللغة؛ هو: العدم، والذهاب، والزوال (١)، وللفناء أقسام ثلاثة (٢)؛ هي:

الأول: الفناء الديني الشرعي، وهو الفناء بما يريد الله تعالى عن غيره، فيفنى بعبادة الله تعالى عن عبادة غيره، وبالخوف منه عن خوف غيره، والمراد بالخوف هنا: الخوف العبادي الإرادي.

وهذا الخوف لا يصل إلى درجة التجرد من الخوف الطبيعي؛ كالخوف من السَّبُع، والعدو، ونحو ذلك؛ فإن هذا الخوف الطبيعي ليس بمذموم مطلقاً إلا حين يصل إلى حد ترك ما أوجب الله تعالى، فيكون مذموماً؛ كمن يترك الجهاد الواجب في سبيل الله؛ خوفَ القتلِ، أو العدوِ.

وهكذا بقية العبادات: فيفنى عن التوكل على غير الله بالتوكل على الله، وعن طاعة غير الله بطاعته وطاعة رسوله، وعن محبة غير الله بمحبته ومحبة رسوله، بحيث لا يتبع العبد هواه بغير هدى من الله، وبحيث يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ﴾، فكل


(١) «معجم مقاييس اللغة» ٤/ ٤٥٣، و «القاموس المحيط» ص ١٧٠٤.
(٢) «العبودية» ص ٢١٨، و «الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان» ص ١٩٩، و «مجموع الفتاوى» ٢/ ٣١٣، و ٣٤٣ و ٣٦٩ و ١٠/ ٣٣٧، و «الرد على الشاذلي» ص ١٥٠، و «طريق الهجرتين» ٢/ ٥٦٥، و «مدارج السالكين» ١/ ١٧٤.

<<  <   >  >>