للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعضُ أهل الأهواء والأغراض يستنكرون هذا التقسيم، ويقولون: «إنه بدعة»!، وهذا مغالطة؛ فإنه إذا كان هذا التقسيمُ بدعةً؛ فكلُّ ما جاء به العلماء من تقسيمات لمسائل العلمِ، وتبويبٍ، وبيانِ أسماءٍ للأحكام؛ كلُّه بدعة!

وهذه الأحكام كانت معلومة في عهد النبي في الحقيقة، ولكن الأسماء والمصطلحات ليست موجودة، فأنواعُ التوحيد موجودةٌ كلُّها في القرآن وفي السنة، لكن هذا الاصطلاح؛ وهو: أن التوحيد ينقسم إلى كذا وكذا، والتعبير عنه بهذه العبارات؛ هذا هو الجديد، وهذا من طبيعة نشأة العلوم، وتصنيف المسائل، وتقسيم المعاني، فمن يقول: «إنه بدعة»؛ فهو مُبطلٌ مغالطٌ.

حتى الذين يقولون مثل هذا الكلام عندهم تقسيم للتوحيد؛ كالأشاعرة عندهم أن التوحيد ينقسم إلى: «توحيد في الذات»، و «توحيد في الصفات»، و «توحيد الأفعال»، والصوفية عندهم، «توحيد العامة»، و «توحيد الخاصة»، و «توحيد خاصة الخاصة» (١).

والتوحيد في الأصل؛ هو: «جعل الشيء واحداً» (٢)، وهو في حق الله تعالى: «اعتقاد أنه واحد لا شريك له في أفعاله؛ كالخلق، والرَّزق، والتدبير، والإحياء، والإماتة»، وإفراده بهذا المعنى؛ هو معنى: «توحيد الربوبية».


(١) سيأتي كلامٌ للمؤلف في تقسيم بعض الطوائف للتوحيد في: ص ٦٠٦، وانظر: «مجموع الفتاوى» ٤/ ١٥٠، و «درء التعارض» ١/ ٢٢٥، و «مدارج السالكين» ٣/ ٤١٥، و «الكافية الشافية» ص ١٧٠.
(٢) «القاموس المحيط» ص ٤١٤.

<<  <   >  >>