الموصل لم يقرر بعد آنذاك، إذ كانت تركيا تطالب بها مع أنها كانت تعتبر إداريًا جزءًا من العراق).
هذه هي الخطوة الأولى. أما الثانية، فعلى حزب الإصلاح الإسلامي المعتدل أن ينشئ مدرسة عالية لتخريج المرشحين للإمامة العظمى وللاجتهاد الشرعي بعد دراسة أصول القوانين الدولية، وخلاصة تاريخ الأمم، وسنن الاجتماع، ونظم المؤسسات الدينية كالبابوية. وبكلمة، جميع المسائل الضرورية لتطبيق الإسلام على العالم الحديث تطبيقًا صحيحًا. وهكذا تتشكل هيئة جديدة من العلماء تصون جوهر الشريعة ووحدة الأمة. لكنها قد تحقق أكثر من ذلك، إذ سيكون فيها عرب من سلالة قريش. ومن يدري، فقد ينتخب أحدهم، عندما يحين الزمن، من قبل ناخبي جميع البلدان الإسلامية، وتعقد له البيعة من قبل أهل الحل والعقد، فيكون الخليفة الحق الذي سيبني من جديد ذلك الحكم الإسلامي الأصيل الذي هو أفضل حكم على الإطلاق.
لم يكن رشيد رضا ليشك بأن هذا الحكم هو الأفضل بالنسبة للمسلمين، لكنه هل هو الأفضل أيضًا بالنسبة للمسيحيين واليهود العائشين في البلدان الإسلامية؟ على هذا يجيب بالإيجاب أيضًا. فهو يقول بأن وضع الأقليات في دولة إسلامية يكون أفضل منه في دولة علمانية، إذ أن الدولة الإسلامية تكون قائمة على العدل وعلى الشريعة التي منحت المسيحيين واليهود حقوقهم وحريتهم، بينما تكون الدولة العلمانية قائمة على العصبية الطبيعية الصرف التي لا تصلح أساسًا للنظام الخلقي. فالعدل يوحد، بينما التعصب يفرق. والبغض بين الذين ليس لهم ما يعبدونه سوى جماعاتهم لأسوأ من البغض بين أصحاب أديان مختلفة. وإذا كانت قد حدثت اضطهادات في الشرق الأدنى، فذلك مرده إلى انحطاط الإسلام، كما أثبتت موجة البغض التي حركتها ثورة «تركيا الفتاة» العلمانية في ١٩٠٨ (٥٧).